فمثلا، من المعروف -لكثرة ما تحدث بهذا أهل الإختصاص- أن البلاستيك إذا سخن فإنه يصدر موادا تعد عند أهل العلم: مسرطنة. مع ذلك نجد محلات الفول و التميس تعلب الفول الحار في علب بلاستيكية، و تضع التميس في أكياس البلاستيك الخفيفة. و نجد مستهلكي القهوة السعودية -أو الشاي أو غيرها من أنواع المشروبات الساخنة- من موظفين، يستخدمون أكواب بلاستيكية لتقديم القهوة. و نجد الخادمات أو من يطبخ في البيت أو في المطعم أو غير ذلك، يسخنون الأكل المعلب أو المغطى بمختلف المنتجات البلاستيكية في فرن المايكروييف، دون التفات لتحذيرات أهل العلم! على الرغم من وجود أنواع خاصة من البلاستكيك صالحة للاستخدام في المايكروييف (لا أدري أهذا النوع موجد لدينا أم لا؟ و لكنه موجود في الخارج).
البلاستيك هو أحد الأمثلة. توجد عادات أخرى تكلم عنها مرارا و تكرارا أهل العلم من أطباء و علماء تغذية و كيميائيين حيويين و غيرهم.
و لكن، المؤسف هو عدم استجابة الناس أو أصحاب المطاعم! قد يقول قائل أن هذا اختيار شخصي. و هو إن كان الظاهر، غير أن المسألة تتعلق بصحة المجتمع. إن مجتمعنا يطمح له ولاة الأمر أن يكون مجتمعا فاعلا منتجا و قد بدأت بوادر التغيير مع بداية عهد الملك عبد الله كما هو ملاحظ من إنشاء بنى تحتية و مدن اقتصادية و تطوير للتعليم و الشفافية بين الحكومة و الصحافة و الشعب.
و لكن، كيف يتحقق هذا الطموح إذا كنا شعبا مريضا؟ قد لا يعي بعض من يقرأ أن المرض يسبب خسائر فادحة للدولة، في جانب الإنتاج، و جانب الإنفاق على معالجة المرضى في المستشفيات الحكومية، و غير ذلك. و لا يفهمن أحد كلامي هذا أنني أقول إنني أعترض على قدر الله في المرض!
إن إهمالنا لصحتنا هو أحد القرائن التي تدل على ضعف ثقافتنا و وعينا، و هي حقا تستدعي العمل الجماعي المنظم و المدعوم من قبل الدولة على توعية الناس بوسائل و طرائق حديثة و قريبة من الثقافة الحالية لأكثر الناس–إذ كيف توعي من لا يعرف كيف يقرأ الجريدة بشكل صحيح أو لا يفهم ما يقوله خطيب الجمعة، بأسلوب و خطاب على درجة من الثقافة العالية! إذا فعلت ذلك فإن ذلك لن يجدي بالتأكيد.
الثقافة الغذائية جانب مهم من الوعي و الثقافة التي نطمح أن نصل إليها بوصفنا مجتمع نام يطمح لأن يصبح مجتمعا فاعلا منتجا على مستوى عالمي. لذلك، علينا جميعا أن نؤمن بها و لا نخجل أو نستحي من الحق و إن بدا تافها لبعض الناس.
—
لقد تطرق كثير من الكتاب الصحفيين لهذا الموضوع (مثل: منيف خضير، جريدة الجزيرة)، و لكن لم أقع على من يبين الأثر السلبي لجهلنا أو تجاهلنا للثقافة الغذائية في تعطيل تنمية المجتمع!